الرطل بناني تكتب: وزير العدل والدفاع عن الفساد
هند الرطل بناني*
لم يستطع وزير العدل والحريات تمرير الفرصة وهو يوجه كلمته في اليوم الدراسي المتعلق بمشروع قانون المسطرة الجنائية، المنظم من طرف لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان، يوم الخميس 13 فبراير 2025، وهو النشاط الذي حضره أكاديميون وأساتذة جامعيون وطلبة ومحامون ومهتمون بالشأن القانوني والجنائي، إضافة إلى نواب برلمانيين، دون أن يخلط الحابل بالنابل، ويسقط الطائرة بالحديقة كعادته، وبشكل أثار استغراب واستنكار الحضور .
ولعل تأثير مداخلة رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، في المناقشة العامة لمشروع قانون المسرطة الجنائية، في لجنة العدل والتشريع، التي أثار فيها سحب مشروع القانون الجنائي المتضمن لمقتضيات تتعلق بالإثراء غير المشروع، كان واضحا على السيد وزير العدل وهو يلقي كلمته في اليوم الدراسي، وظهر ذلك من خلال ما يلي:
أولا: حديثه عن توظيف خطاب محاربة الفساد في النقاش من طرف البعض يتعارض جملة وتفصيلا مع خطابات جلالة الملك الذي أكد غير ما مرة على أن محاربة الفساد هي قضية الدولة والمجتمع، بمساهمة كافة مؤسساتها من خلال تفعيل الآليات القانونية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة، وتجريم كل مظاهره، والضرب بقوة على أيدي المفسدين، ومحاربة تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيء عادي في المجتمع.
ثانيا:حديثه هذا يؤكد عدم احترام الحكومة للمؤسسات الدستورية، وتجاهلها لتقاريرها حول الفساد، كمجلس المنافسة والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها.
ثالثا : إن نعته للمدافعين عن فكرة تجريم الإثراء غير المشروع، كونهم حاملين للفكر السطاليني فيه تقزيم وتقويض وتشويه محاولة الإفراغ من المضمون للدور الذي يطلع به نواب الأمة، وهم يدافعون عن الحكامة الجيدة وعن تجويد النص القانوني، ومصادرة حقهم كمشرعين داخل مجلس النواب، ويعبر مرة أخرى عن قصور في الفهم الذي يلازم كل خرجات وزراء الحكومة التي ينتمي إليها وزير العدل.
والذي يجب أن يفهمه السيد الوزير، وهو يشبه تجريم الإثراء غير المشروع بـ"لاراف" هو أن هذا المقتضى له ضوابط محددة، وأنه تم التنصيص عليه في صلب أحكام الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد في المادة 20 منها، وبالتالي لا مجال لتمييعه وإفراغه من مضمونه والذي الهدف منه:
1- حماية الدولة من تفشي المحسوبية والزبونية والرشوة وزواج المال بالسلطة
2- حماية الدولة من الليبرالية المتوحشة
3- يعزز مبدأ مكافحة الإفلات من العقاب في جرائم الفساد
وغياب هذه القتضيات تؤدي إلى الشعور بعدم الأمن وفقدان الثقة في القوانين والحقوق.
بكلمة، أقول للسيد الوزير، لا داعي للتلاعب بالمصطلحات، فشرح الواضحات من المفضحات، ولكل معبد حراسه، وللحديث بقية.
*عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية