عفيف: "قانون مجلس الصحافة" لم يخضع للتشاور ومقتضياته تقوض المكتسبات الديمقراطية
عبرت ثورية عفيف، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، عن رفض المجموعة لأي محاولة لتقويض حرية التعبير أو إسكات الأصوات الحرة والمستقلة، مؤكدة أن حرية الرأي والتعبير، كما هي مكفولة في الدستور المغربي وفي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، من أهم ركائز دولة الحق والقانون.
وشددت عفيف في كلمة باسم المجموعة في اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الاثنين 14 يوليوز 2025، على ضرورة إنهاء متابعة الصحافيين بمقتضى القانون الجنائي بدل قانون الصحافة.
واستغربت عضو المجموعة في الاجتماع نفسه الذي خصص للمناقشة العامة لمشروع قانون يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، من حذف عبارة "عن انتهاكات هذه الحرية وخروقاتها" من المقتضى الذي ينص على نشر تقرير سنوي حول حرية الصحافة في مشروع القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة.
ونبهت إلى أن مشروع القانون لم يخضع للتشاور المطلوب مما نخشى معه تعميق الشرخ في الجسم الصحافي وتوسيع مساحة اللاتوافق، وغلبة سياسة ضبط قطاع الصحافة والنشر بدل تنميته والنهوض به وتشجيع استقلاليته.
وقالت عفيف إن الاستقلالية والتنظيم الذاتي للجسم الصحافي ليس امتيازا ممنوحا بل حق، مشيرة إلى أن الفصل 28 من الدستور أقر حرية الصحافة واستقلالية مؤسساتها التمثيلية، ونص على تشجيع الصحافيين على تنظيم أنفسهم بشكل ديمقراطي ومستقل.
واستدركت، إلا أن مشروع القانون هذا يقوض المكتسبات الحقوقية والديمقراطية، ويتوج مسار التراجع الديمقراطي الذي دشن بمرسوم التمديد سنة 2022، ثم مقترح قانون مجهول المصدر من أهم ما جاء فيه استبدال الانتخاب بالانتداب وتمديد عمر المجلس إلى 5 سنوات.
وتابعت، ومن المصادفة أن تترجم هذه المقتضيات في المشروع الحالي، ثم قانون إحداث اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون الصحافة والنشر، بعد مرور سنتين ونصف في وضع استثنائي ومؤقت، يأتي مشروع القانون استثنائيا يكرس ضرب استقلالية الجسم الصحفي وتنظيمه الذاتي.
وذكرت عفيف أن مطلب الديمقراطية ليس مسألة إجرائية فقط، بل هو روح بناء ثقة الجسم الصحافي في المجلس الوطني التي صارت مهددة أمام غياب الشرعية الانتخابية والتمثيلية، وهي ركيزة الاختيار الديمقراطي الذي يشكل إحدى الثوابت الوطنية.
واعتبرت أن التمييز بين الصحافيين والناشرين من حيث آلية التمثيل وعدد الممثلين (توسيع عدد الناشرين إلى 9 وإبقاء عدد الصحافيين في 7)، من شأنه أن يقوض مبادئ الديمقراطية والتعددية والتنوع الإعلامي.
وتساءلت: كيف يعقل الانتخاب من جهة، والانتداب من جهة أخرى؟ وكيف سيتم ضمان تمثيلية الصحافة بكل أنواعها الورقية، الإلكترونية، السمعية البصرية…؟ في ظل استبعاد الهيئات الممثلة للصحفيين والتعامل معهم كأفراد… وحذف المقتضى الذي ينص على”مراعاة تمثيلية مختلف أنواع الصحافة والاعلام”، وماذا عن حذف تمثيلية المجتمع داخل المجلس التي كانت تضم فئات مثل المحامين والكتاب…
كما تساءلت عفيف إن كان اعتماد معيار رقم المعاملات والحصص الإضافية في انتداب الناشرين للمجلس الوطني، هو اعتماد للوزن الاقتصادي عوض الوزن الاعلامي؟ أم هو منطق التجارة والربح بدل اعتماد المقروئية والتعددية الإعلامية؟ أم أنه تفصيل القانون على مقاس أطراف محددة؟ أم هو الإمعان في ترسيخ سياسة الهيمنة والاحتكار التي بصمت مسار هذه الحكومة، فلم يكفها زواج المال بالسلطة فزادت عليه في هذا المشروع زواج المال بالإعلام، فهل هي سياسة البقاء للأغنى؟ أم تشريع في خدمة المدبر السياسي ليشكل جسرا بين القرار السياسي وضبط الإعلام؟
ومن الملاحظات والتراجعات المسجلة على هذا المشروع، وفق عفيف، غياب ضمانات صريحة للفصل بين المجلس والسلطة التنفيذية، سواء في التمويل أو في تعيين الأعضاء.
وشددت أن منح المجلس سلطات تأديبية (كإمكانية توقيف صحيفة لـ30 يومًا) تُعدّ سابقة خطيرة في التنظيم الذاتي. ويُفقد الصحافة أحد أهم ضمانات الاستقلالية والديمقراطية والتنظيم الذاتي، بل سيعمل على وأد العديد من المنابر.
وصلت النائبة البرلمانية إلى التأكيد على أنه، إن كانت الصحافة ركيزة أساسية في البناء الديمقراطي، فإن هذا لن يتحقق بهذه التراجعات المضادة لإرساء أسس الحكامة الديمقراطية، وتحقيق توازن مهني بين مختلف مكونات الحقل الصحفي، تماشيا مع التحولات الوطنية والدولية التي يعرفها القطاع.
إسهاما من المجموعة النيابية في تجويد مشروع القانون، تردف عفيف، ندعو إلى ضمان استقلالية المجلس قانونيًا وماليًا، وتوسيع التشاور والانصات لكل الفاعلين والمهتمين بالقطاع.